جميعنا يملك قوى خارقة وطاقات كامنة لا يعلم بوجودها إلا عند الضرورة .. ففي الأحوال العادية لا يستعمل الانسان سوى 10% من قوته العضلية (تكفي لفتح الباب، وقيادة السيارة، وحمل فنجان الشاي، وضغط أزارير الجوال) .. ولكن حين نواجه حالة طارئة أو مهددة للحياة تعمل عضلاتنا بكامل قوتها فتخرج من أجسادنا طاقة هائلة وقوى مفاجئة لم نتصور يوما امتلاكها..
وكل من مر بظروف مروعة كحادث سيارة أو حريق تفاجأ بزخم الطاقة الهائل الذي ظهر لديه فجأة وأتاح له إنقاذ نفسه وغيره من موت محقق.. وأذكر أنني شاهدت حلقة رائعة عن هذا الموضوع في قناة "ديسكفري" تضمنت أمثلة حقيقية يصعب وقوعها في الأحول العادية.. فهناك مثلا قصة الأم التي رفعت مقدمة سيارة دهست ابنتها الصغيرة، ومتسلق جبال رفع عن صدره صخرة تفوقه بأشواط، وشاب قفز عدة أمتار بين مبنيين هربا من النار، وشرطي جرى بسرعة خارقة مكنته من استباق موجة حريق مفاجئة بالإضافة إلى لقطة في برنامج "دوكتورز" عن مارة رفعوا سيارة ضخمة دهست رجلا كان يمشى على الرصيف...
ورغم أن هذه الأمثلة تبدو لأول وهلة مستحيلة وغير معقولة ؛ إلا أنها في الحقيقة ممكنة من الناحيتين التشريحية والنفسية..
فمن الناحية التشريحية يملك الإنسان عظاما تفوق في قوتها الخرسانة المسلحة، وهيكلا قادرا على حمل 10 أضعاف وزنه المعتاد، ومفاصل وغضاريف تتحمل أطنانا من الثقل المفاجئ (مثل غضروف الركبة الذي يتحمل سبعة أطنان قبل أن ينهار ويفقد مرونته..
أما عضلاتنا فتملك طاقة كامنة لا نستعملها في الأحول العادية ولكنها تخرج وتتضاعف في المواقف الاستثنائية .. وبعكس ما يعتقد معظمنا؛ لا تعمل التمارين الرياضية على زيادة عدد الأنسجة العضلية بل على تضخيم ورفع حجم العضلات الموجودة لدينا أصلا (وهذا بالضبط ما يحدث مؤقتا لدى الناس العاديين في المواقف الطارئة) .. وكما تعتمد قوة العضلات على "الحجم" و"الضخامة" تعتمد أيضا على "قوة الاشارة" القادمة إليها من الدماغ والتي تكون في أقوى حالاتها حين نتواجد في موقف مرعب أو مهدد للحياة..
وهذا من الناحية التشريحية..
أما من الناحية النفسية فيعمل الخوف والتهديد على تحفيز الحواس والأعضاء الداخلية وتحويل معظم الدم والأوكسجين لعضلاتنا الخارجية.. ويقود الدماغ هذه العمليات من خلال هرمون الأدرينالين الذي تفرزه الغدة الكظرية ويحولنا دون استشارتنا الى "سوبرمان" خارق خلال جزء من الثانية..
فالأدرينالين يدعى (هرمون القتال أو الهرب) كونه يهيئ أجسادنا للقتال ومواجهة الخطر (أو) الهرب بطريقة لاشعورية في حال صعب علينا مواجهتها .. وهو يهيئنا لكلا الموقفين من خلال رفع ضربات القلب، وتحفيز الحواس، وإلغاء الألم، واستخراج الطاقة الكامنة، وتركيز الدورة الدموية نحو العضلات والأعضاء ذات العلاقة (وجميعها تحدث بشكل سريع بحيث تبقى لمواجهة الموقف أو تهرب بطريقة مفاجئة).. ورغم أن هذا الهرمون يفرز أيضا في حالات التوتر والإثارة والحماس والنقاشات الحادة؛ إلا أنه يبلغ أوج قوته في حالات الرعب ومواجهة خطر الوفاة ويعود إليه الفضل في بقاء الجنس البشري كونه أتاح لإنسان الكهف مواجهة حيوانات مفترسة تفوقه حجما وقوة!!
... والعجيب أن كل هذه الآليات (السابقة) تحدث خلال لحظة رعب مفاجئة نتصرف خلالها بطريقة خارقة وكأن هناك قوى خارجية أو خطة كوارث مسبقة تقودنا لإنقاذ حياتنا!
... وفي الحقيقة ؛ ما شجعني على كتابة هذا الموضوع قناعتي بأن كل من يقرأ المقال سيتذكر مواقف خطيرة في حياته حولته إلى "إنسان خارق" لمدة خمس ثوان على الأقل ..
...هذه الثواني الخمس هي ما أود سماعها منك على الموقع الإلكتروني