انطلقت منذ اسبوع عملية التعداد السكاني وتستمر لمدة اسبوع آخر ، لذا فان من لم يطرق بابهم مندوبو التعداد حتى الان عليهم ان يتوقعوا وصولهم هذا الاسبوع وعليهم ايضا التعاون معهم لينجزوا مهمتهم على اكمل وجه ..
فلا يخفى على احد ما للتعداد من اهمية كبرى في إظهار العدد الكلي للسكان مواطنين ومقيمين وبالتالي تحديد احتياجاتهم في خطط التنمية من طعام ومساكن ووظائف ومقاعد دراسية بالاضافة الى تقديم مؤشرات تهم الباحثين عن التركيبة السكانية ونسبة الاناث الى الذكور فيها ونسب اليافعين الى كبار السن وغير ذلك مما يجب ان يكون معلوما بالضرورة ..
والامر يتطلب وعيا كبيرا من كلا الطرفين العاد والمعدود فثقافتنا المحلية تستنكف دخول الغرباء وسؤالهم عن تفاصيل الحياة خلف الابواب المغلقة لذا فلا يتوقع العدادون ترحيبا كبيرا او تعاونا كاملا من قبل كل السكان .. غير ان الضمانات الكثيرة التي وضعتها مصلحة الاحصاء توفر قدرا كبيرا من الثقة ولعل اهم هذه الضمانات على الاطلاق التعهد بالحفاظ على سرية المعلومات وبقائها في اطار التحليل الكلي بعيدا عن الاسماء بالاضافة وهذا ما يهمني كربة بيت ان كل مندوب مجهز ببطاقة تثبت شخصيته عليه ابرازها قبل ان يسمح له بدخول البيت او تعبئة استماراته وما ارجوه حقا ان تكون تلك البطاقات غير قابلة للتقليد وتحمل علامة مائية اصلية كعلامات العملات الورقية لأن اصحاب النفوس الضعيفة ومعتادي الاجرام يمكن ان يستغلوا فرصة التعداد فيندسوا بين العدادين ويحصلوا على معلومات عن ضحايا مرتقبين ..
اما على الصعيد العام فانني اتمنى كما تمنيت في كل تعداد سابق ان تغطي بيانات الاستمارات كافة المعلومات التي تحتاجها مختلف القطاعات الخدمية لرصد اعداد من تخدمهم بحيث نعرف بعد التعداد العدد الحقيقي للمعاقين وانواع الاعاقات واعداد مرضى كل نوع من الامراض على حدة وعدد النساء العاملات في القطاعين والعدد الحقيقي للعاطلين وعدد الاطفال واعمارهم والمتوقع حضورهم للدنيا خلال شهور وغير ذلك من ارقام تعبنا من تضاربها على ألسنة المسؤولين وفي تصريحاتهم ..
كما اتمنى لو ان مصلحة التعداد استفادت من وسائل التعداد في دول العالم المتقدمة بحيث تغطي في استماراتها كل مؤشر يمكن ان تبنى عليه خطة عمل فمن غير المعقول ونحن في الالفية الثالثة ومازال هناك من لا يجد مقعدا دراسيا او سكنا خاصا او اننا لازلنا لا نعرف تحديدا ما هو خط الفقر ونسبة من يعيشون تحته الى من يعيشون عليه او فوقه ..
المهمة ليست سهلة ولكنها ايضا ليست مستحيلة وببعض الصبر والتعاون وكثير من الوعي يمكن ان يكون التعداد الفعلي هو الدرجة الاولى التي تصعد بالمحللين والباحثين ومعدي خطط التنمية الى اصدق التوصيات واكثرها واقعية لحل كثير من المشكلات التي لا نزال نعاني منها بسبب غياب الاحصاءات الدقيقة للسكان ..
فلنتعاون جميعا مع مندوبي التعداد ولنصدقهم القول ولنعتبره فعلا وطنيا بحتا يعود بالنفع على الوطن وعلى المواطن وحتى لا يعود للمحتجين من حجة يتوارون خلفها حين تقصر الخدمات عن حاجة السكان وتطول قوائم الانتظار فيقولون "لم نكن نعرف العدد الكلي .. ليس لدينا احصائيات واضحة"
