قبل أيام كانت هناك ندوة لجريدة الجزيرة شاركت فيها، الندوة تتمحور حول دور الحماية ، ودور الحماية هذه وجدت من اجل النساء اللواتي يعانين من اضطهاد من ذويهن أو عنف يقع عليهن .. لذا فقد تأسست هذه الدور من قبل الدولة من أجل ذلك ، هذه الدور تابعة للشؤون الاجتماعية ولبعض المؤسسات الأهلية ، سمعنا فيما بعد شططا ومناوشات بين أعضاء واحدة من هذه المؤسسات في الغربية..
كنتُ ومازلت ضد التركيز إعلاميا وضد انتشار هذه الدور ، وإنما توفير الأمان المنزلي والأسري قبل كل شيء ، ومعالجة الأسباب لا النتائج .. وان توفير الحماية داخل المنزل أفضل ألف مرة من توفيرها خارجه ، لأننا سنواجه سلسلة مشاكل لا تنتهي ، فهذه الفتاة ستتم حمايتها فترة مؤقتة ، إذ لا يمكن أن تكون لدينا سلسلة من دور الحماية كأنها سلسلة لمطاعم الوجبات السريعة . فكما نحرص أن الأكل في المنزل أكثر صحة وأكثر حميمية نرى أن معالجة المشاكل داخل الأسرة أفضل من افتتاح دور للحماية ..
إن معالجة الأسباب ومنعها من التكون وتكوين بؤر أفضل من جعلها تتراكم ، قفل الطرق المؤدية للعنف من جهة ، تقنين أنظمة تحد وتنظم العلاقات خاصة في مسألة الزواج والأطفال .. فلقد فتح باب جديد للعنف ، وهذا الباب عندما فتح لم يسمع احد ما قيل عن الإشكاليات التي ستحدث بسببه ، وهو تنوع الزواج ومسمياته خارج إطار الزواج الرسمي والشرعي ، أسس لنوع آخر من العنف وهو عنف عدم الاعتراف بناتج هذا الزواج .وطلب الالتزام بشرط غير ملزم أصلا هو عدم الإنجاب ، وبينما أهم أهداف مؤسسة الزواج تكوين أسرة ..
عندما نكون ضد تأسيس دور كثيرة للحماية لا يعني أننا نريد ترك المرأة لتموت من العنف ، لكننا مع طرق رئيسية لحماية المرأة من العنف والتسلط :
أولها : كيف تتعلم حماية نفسها ،وأول طرق هذه الحماية أن يكون لها استقلالها الاقتصادي .وكيف تقف مع ذاتها ضد العنف وتشجع مقاومتها وتخلق لها فرصا لتحدي ضعفها .. طبعا عندما نعرض هذا الموضوع نحن أمام تاريخ كبير من طرق حماية المرأة تلك الحماية المبالغ فيها لدرجة قد نقف نحن كنساء عاجزات عن التصرف في مواقف تحتاج سرعة القرار قبل أن يحدث ما لا تحمد عقباه.
الثاني : هو كيف تنتصر لذاتها ، وكيف تستطيع أن تحول العنف من مظلمة سلبية إلى شيء إيجابي ، أول الطريق التفكير الجاد ، وهو عدم مواجهة العنف بعنف وإلا دارت في حلقة لا نهاية منها ، لا يعني أننا نطالب بالاستسلام وهضم الحقوق لكننا مع توفير السند القانوني ، توفير علاقات جيدة داخل الأسرة بحيث يتم العلاج الذاتي داخل الأسرة وذاك ما كان معروفا منذ القدم في محيط الأسر والعائلات ، الخال والعم والجد والجدة يعملون مجتمعين أو فرادى بالمساهمة في العلاج ومنع تطور المشاكل .
الثالث :تأسيس مراكز استماع للمرأة التي تشكو العنف .. هذه المراكز تكون كالطبيب العام الذي يقابل المريضة في البداية ويرى أنسب الطرق لها .. ومكانها المراكز الاجتماعية التابعة للشؤون الاجتماعية ، الجمعيات الأهلية النسائية ومراكز الأحياء .. قبل البداية في هذه المراكز التي عادة تحتاج كادرا : أخصائية اجتماعية ، أخصائية نفسية ، يستعان بطبيب شرعي إن لزم الأمر . هذه المراكز يجب أن تؤسَّس على قاعدة علمية واجتماعية وخلقية قبل كل شيء لابد من تدريب وورش عمل مكثفة لمن سيعمل بها ، وحيث إن تجارب كلا من مصر والأردن وتونس ، ! مؤخرا البحرين والإمارات.. وكلها دول قريبة ماعدا تونس ، فيمكن العمل معها والاستفادة من تجربتها ..
ممكن أن نخلص لنقطتين مهمتين جدا ، التأكيد على أن تحمي المرأة ذاتها بذاتها ، وذلك تأسيس منذ الصغر لكل من البنين والبنات ، في مراحل التعليم .. والثاني أن انتشار دور الحماية لا يمنح المرأة الحماية اللازمة إلا مؤقتا والمؤقت عبارة عن أسبرين ليس إلا ..
